حديث عن شخصيّة الإمام علي عليه السلام: ليلة القدر
لماذا لم يتنازل أمير المؤمنين عليه السلام عن الحقّ و يتوافق مع الظالمين؟ وما هو سبب عدم مقابلته عليه السلام لمعاوية بالمثل؟ و هل كان سلام الله عليه يهتمّ بكثرة الأتباع؟ وهل كان عليه السلام عالماً بما سيقع في ليلة التاسع عشر من شهر رمضان؟ وكيف يمكننا أن نفسّر ذلك؟
تساؤلات عالجها آية الله السيد محمد محسن الحسيني الطهراني قدس سرّه في هذه المحاضرة التي عقدها في ليلة القدر الأولى ، أي الليلة التاسعة عشرة من شهر رمضان المبارك في سنة 1429 هـ ق
-
إنَّ أمر جرح أمير المؤمنين لم يكن أمرًا عاديًا، ولم يحصل صدفةً؛ وسيتّضح للإخوة إن شاء الله بما سأقدّمه من شرح، بأنَّ ما جرى كان قد حصل وفقًا لاختيار أمير المؤمنين، لا أن يكون عليه السلام غير مطّلع على ما سيحصل له، بل كان يعلم بما سيحصل، ولقد رضي به وأقبل عليه بنفسه، وعمل على تحقيقه بكامل وجوده.
-
يجري الحديث هذه الأيّام عن أنّه: هل يمكن أن يكون المرء مطّلعًا عمّا سيحصل له، ثمّ لا يقوم باتّخاذ الإجراء الذي يمنع حصوله؟ فكيف يتّفق هذا الأمر مع التكليف الشرعي للإنسان؟ وذلك لأنَّ العلم والقطع يعتبر بحسب الاصطلاح والقانون منجِّزًا؛ أي يؤدّي إلى تعلّق التكليف. فعندما تقطع بمسألة ما، يكون واجبًا عليك العمل بها وترتيب الأثر عليها، وعندما تعلم بأنَّ شرب سائل ما سيتسبّب في جلب الأذى إلى جسمك، فشربه يكون محرّمًا عليك؛ فهذا أمر بديهي ولا جدال فيه. وإن علمت بعدم صلابة ذلك الحجر الذي تنوي الوقوف عليه، وأنَّ وقوفك عليه سيتسبّب في انهياره وسقوطك وهلاكك، فإنَّ وقوفك عليه يعتبر أمرًا محرّمًا؛ لأنَّ عملك هذا كان عن علم بما سيؤول إليه الأمر. وبصورة عامّة، عندما يحصل للمرء علم بموضوع ما، فسيعتبر ذلك العلم مُنجِّزًا، ولا يحتاج معه إلى دليل آخر فوق هذا العلم والقطع؛ فعندما يحصل لنا علم بموضوع معيّن، فلا حاجة لنا ـ والحال هذه ـ لأن يأتي أحد، ويخبرنا بلزوم فعله، أو الامتناع عن الإتيان به.